اعتقد الإنسان أن تمدنه ينتج عن بُعده عن الدين والفطرة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، وتركزت هذه الفكرة بعد النهضة الصناعية في الدول الغربية، وبعد اكتشاف البترول وانجرار الفرد فيها وراء الاستهلاك غير المدروس في المجتمعات الإسلامية.
الآن وقد وصلت ثورة العلوم والتكنولوجيا إلى حد لم تصله من قبل، بقي جهل الإنسان بنفسه وبُعده عنها حدا لم يصل إليه من قبل أيضاً. من جانب آخر دخلت العلوم الأساسية (كالرياضيات والفيزياء) حيزا آخر.
فعندما تبنت البشرية النظريات النيوتونية بالكامل، وجزمت بانعدام العلاقة بين ما هو مادي ملموس وما هو غيره، تأثرت الفلسفة بذلك، وانبثقت منها الفلسفة الديكارتية وغيرها ممن رأوا أن الإنسان موجود كآلة في الكون، ووجوده وعدمه لا يؤثر في الكون. فالكون ماضٍ كما هو بغض النظر عن وجود هذا الإنسان وتفاعله.
ولكن الآن وبعد النظريات العلمية الجديدة التي زعزعت ثوابت هذه الفلسفة، كالنظرية النسبية لأينشتاين والفيزياء الكوانتية، بدأ الحديث في الفيزياء الحديثة عن البحث عن مكان للعقل وتأثيراته في الفيزياء والكون، وكيفية إيجاد مكان للعقل في المعادلات الرياضية والنظريات الفيزيائية.
العقل والقوانين الرياضية
والعقل بمكانته هذه يتأثر بأمور كثيرة منها الوراثية والبيئية والتجارب الشخصية التي يمر بها الفرد، وكذلك الأشخاص المحيطون به. فالعقل لا تنطبق عليه قوانين الأنظمة الرياضية المعقدة، ولكنه يتبع قوانين الأنظمة الرياضية المركبة، والتي من خصائصها الأساسية التأثير والحساسية الشديدة للحالات الابتدائية والمعطيات الأولية، وكذلك عدم القدرة على التنبؤ بما يفرز من التغييرات الطفيفة في المعطيات الأولية.
فعلى سبيل المثال، قد تكون خاطرة في الطفولة تؤثر على قرارات مستقبلية خطيرة لا يرى الشخص ذاته أو المراقب له أي علاقة لهذه الخاطرة بالقرار، ويستغرب تأثيرها غير المتوقع وغير المبرر منطقياً.
وقد يكون آخر قد مرَّ بنفس الظروف، ولكن تأثيرها عليه وعلى قراراته المستقبلية مختلف تماماً. فنرى أشخاصًا عاشوا نفس الظروف، ولكن ردود فعلهم كانت مختلفة وأحيانا متناقضة.
فعلى سبيل المثال ردود الفعل لحالات متشابهة للاعتداء الجنسي في الطفولة تتراوح بين أن يكون البعض معتديا على الأطفال جنسيا عندما يكبر، ومحباً للانتقام من المجتمع، وآخر يريد الانتقام من الوالدين اللذين لم يستطيعا حمايته، وآخر يدخل في حالة اكتئاب، وآخر قلق وشكوك، وآخر مسالم مطيع، وآخر ضعيف الثقة بالنفس، وآخر يريد حماية الآخرين لكي لا يتعرضوا لما تعرض له هو، وآخر يكرس حياته لمساعدة الضحايا مثله من خلال تفهمه لهم ولمشاعرهم.
والأخلاق هي التي تقوم بتهذيب العقل تهذيبًا يتناسب مع إنسانية الإنسان وتوافقه مع الطبيعة، فهي التي تميز ردود فعل الإنسان وتحثه على اختيار الفضيلة والعمل الصالح في الظروف والخيارات الصعبة.
وقد حثت جميع الأديان السماوية على الأخلاق الفاضلة، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، وجاء الإسلام ليتممها كما قال الرسول الأكرم، صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)، فجميع الأديان ترى الصدق والأمانة ومساعدة الآخرين من الفضائل، وترى الكذب والخداع والزنا من الرذائل.
وركز الإسلام على موضوع الأخلاق، ليس كنمط لحياة راقية فقط، بل كوسيلة للوصول إلى أعلى مراتب الإنسانية وتطوير الذات، فمن الممكن تعريف الأخلاق على أنها التعامل مع النفس ومع الآخرين بما يتماشى مع القيم الإنسانية السامية، كما قال الرسول الأكرم: (الدين النصيحة).
الآن وقد وصلت ثورة العلوم والتكنولوجيا إلى حد لم تصله من قبل، بقي جهل الإنسان بنفسه وبُعده عنها حدا لم يصل إليه من قبل أيضاً. من جانب آخر دخلت العلوم الأساسية (كالرياضيات والفيزياء) حيزا آخر.
فعندما تبنت البشرية النظريات النيوتونية بالكامل، وجزمت بانعدام العلاقة بين ما هو مادي ملموس وما هو غيره، تأثرت الفلسفة بذلك، وانبثقت منها الفلسفة الديكارتية وغيرها ممن رأوا أن الإنسان موجود كآلة في الكون، ووجوده وعدمه لا يؤثر في الكون. فالكون ماضٍ كما هو بغض النظر عن وجود هذا الإنسان وتفاعله.
ولكن الآن وبعد النظريات العلمية الجديدة التي زعزعت ثوابت هذه الفلسفة، كالنظرية النسبية لأينشتاين والفيزياء الكوانتية، بدأ الحديث في الفيزياء الحديثة عن البحث عن مكان للعقل وتأثيراته في الفيزياء والكون، وكيفية إيجاد مكان للعقل في المعادلات الرياضية والنظريات الفيزيائية.
العقل والقوانين الرياضية
والعقل بمكانته هذه يتأثر بأمور كثيرة منها الوراثية والبيئية والتجارب الشخصية التي يمر بها الفرد، وكذلك الأشخاص المحيطون به. فالعقل لا تنطبق عليه قوانين الأنظمة الرياضية المعقدة، ولكنه يتبع قوانين الأنظمة الرياضية المركبة، والتي من خصائصها الأساسية التأثير والحساسية الشديدة للحالات الابتدائية والمعطيات الأولية، وكذلك عدم القدرة على التنبؤ بما يفرز من التغييرات الطفيفة في المعطيات الأولية.
فعلى سبيل المثال، قد تكون خاطرة في الطفولة تؤثر على قرارات مستقبلية خطيرة لا يرى الشخص ذاته أو المراقب له أي علاقة لهذه الخاطرة بالقرار، ويستغرب تأثيرها غير المتوقع وغير المبرر منطقياً.
وقد يكون آخر قد مرَّ بنفس الظروف، ولكن تأثيرها عليه وعلى قراراته المستقبلية مختلف تماماً. فنرى أشخاصًا عاشوا نفس الظروف، ولكن ردود فعلهم كانت مختلفة وأحيانا متناقضة.
فعلى سبيل المثال ردود الفعل لحالات متشابهة للاعتداء الجنسي في الطفولة تتراوح بين أن يكون البعض معتديا على الأطفال جنسيا عندما يكبر، ومحباً للانتقام من المجتمع، وآخر يريد الانتقام من الوالدين اللذين لم يستطيعا حمايته، وآخر يدخل في حالة اكتئاب، وآخر قلق وشكوك، وآخر مسالم مطيع، وآخر ضعيف الثقة بالنفس، وآخر يريد حماية الآخرين لكي لا يتعرضوا لما تعرض له هو، وآخر يكرس حياته لمساعدة الضحايا مثله من خلال تفهمه لهم ولمشاعرهم.
والأخلاق هي التي تقوم بتهذيب العقل تهذيبًا يتناسب مع إنسانية الإنسان وتوافقه مع الطبيعة، فهي التي تميز ردود فعل الإنسان وتحثه على اختيار الفضيلة والعمل الصالح في الظروف والخيارات الصعبة.
وقد حثت جميع الأديان السماوية على الأخلاق الفاضلة، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، وجاء الإسلام ليتممها كما قال الرسول الأكرم، صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)، فجميع الأديان ترى الصدق والأمانة ومساعدة الآخرين من الفضائل، وترى الكذب والخداع والزنا من الرذائل.
وركز الإسلام على موضوع الأخلاق، ليس كنمط لحياة راقية فقط، بل كوسيلة للوصول إلى أعلى مراتب الإنسانية وتطوير الذات، فمن الممكن تعريف الأخلاق على أنها التعامل مع النفس ومع الآخرين بما يتماشى مع القيم الإنسانية السامية، كما قال الرسول الأكرم: (الدين النصيحة).