هل يمكن الحكم على علاقة إنسان بالدين من خلال ارتداء زوجته أو بناته للحجاب؟
أثبتت الخبرة الاجتماعية المعيشية المعاصرة أن هذا ليس مقياساً لعلاقة الإنسان بالدين؛ بل إن هناك مَن هو مقصِّر في بعض الأمور في شريعته؛ ولكنه متمسك بالخلق القويم والصراط المستقيم؛ فهو لا يخون ولا يسرق ولا يكذب، ولكن كل هذا لا يعني أنه غير مقصر.
إذن لا ينبغي أن نحكم على علاقة إنسان ما بالدين من خلال الشكل فقط؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ".. إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم..".
أما بالنسبة إلى قضية ارتداء الحجاب؛ فإن الحجاب فريضة إسلامية متفق عليها في الكتاب والسنة، ولم يختلف في ذلك علماء المسلمين. ومضمون الدين وهدفه أن يكون الإنسان شفافاً وصادقاٍ وموفياً بوعده، وأن يسعى الإنسان ليعمر الأرض، وليزكي نفسه، وليعمل من أجل مصلحة الناس.. يقول الله تبارك وتعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة الحج: 77].
لي أخت وضعت غطاء الوجه (النقاب) في كفة، ومستقبلها لبناء أسرة وزوجة في كفة.. ورفضت أكثر من مائة رجل بسبب تمسكها بالنقاب وإلخ.
المتقدم لها ابن فيه كل المواصفات الشكلية والسلوكية والدينية والأخلاقية والمادية التي تشترطها؛ ولكن أهله يريدون منها التخلي عن النقاب.. وهي ترفض الزواج به لأجل هذا فما حكم الدين في ذلك؟.
علينا أن نتكلم في هذه القضية، وهي مثال لما يعانيه المسلم المعاصر بإزاء ما هو مكتوب في التراث.. وما يدعو إليه بعض الناس الآن، وما هو قائم في العصر الذي نحن فيه.
القضية التي ينبغي على كل المسلمين أن يفهموها أن الإسلام له هوية، وأن هذه الهوية متفق عليها بين المسلمين شرقاً وغرباً، سلفاً وخلفاً، لم يحدث فيها أي نزاع ولا أي جدال ولا أي خلاف، لا بين السنة والشيعة، ولا بين الإباضية والظاهرية، ولا بين السلف والخلف، ولا بين الشمال والجنوب.
هوية الإسلام تتمثل في أمور كثيرة وليست قليلة؛ ولكنها محصورة -بالرغم من أنها بنود كثيرة- مثلاً وجوب الصلاة وجوب الزكاة، وجوب صيام شهر رمضان، وجوب الحج لمن استطاع إليه سبيلاً.. قبل ذلك تتوج بالشهادتين.. أحقية القرآن.. القبلة.. الوضوء قبل الصلاة.. حرمة الخمر.. حرمة السرقة.. حرمة القتل.. وهكذا.
هذه هي هوية الإسلام التي لا يتنازل عنها المسلم، والتي إذا ما دعا أحد الناس إلى التنازل عنها تصدينا له، وقلنا له:
أنت ترتكب خطأً، أنت تريد إفساداً.. إلخ.
وهناك أمور اختلف فيها الفقهاء؛ هذه الأمور مثل لمس المرأة، هل ينقض الوضوء أم لا؟ أبو حنيفة قال: لا ينقض، والشافعي قال: ينقض.. وكل واحد منهما استدل بفهمه.. الاثنان صح؛ هذا صحيح وهذا صحيح.
ولذلك إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر.. كيف؟ لأنه قد بذل الوسع. وأراد الله للناس أن تختلف هذا الاختلاف، وأن تتنوع هذا التنوع.
هذه قضية مهمة جداً.. والتي من ضمنها قضية النقاب التي سنجيب عنها في سطر؛ ولكن لابد للمسلم أن يعلم أن هناك ما هو مختلف فيه، وأن المختلف فيه واسع، يجوز لنا أن نقلد من أجاز إذا ابتلينا بشيء من هذا.. قد يتغير من مكان إلى مكان فنجد مذهب الحنفية منتشراً في تركيا والهند، ومذهب الشافعية منتشراً في اليمن ومصر، ومذهب المالكية في المغرب العربي؛ فيقلد هؤلاء الناس هذا المذهب، ويعيشون فيه، ونرى في المملكة العربية السعودية أن المرأة منتقبة؛ فهذه عاداتهم، ولا تستطيع المرأة نفسياً أن تكشف وجهها، ولا نستطيع أن نرغمها على أن تكشف وجهها. وليست في كل مدن السعودية منتقبات.. ففي شرقها لا.
وعندما نأتي إلى مصر؛ فالأصل في النساء المحجبات أنهن كاشفات وجوههن، ويعتبر النقاب جالباً للمشاكل في بعض الأحيان كتمسك البنت به لأنها تضعه كأنه قطعي، كأنه من هوية الإسلام. نقول لها: لا، هذا ليس من هوية الإسلام.
الإمام مالك يقول: إن النقاب بدعة. والإمام الشافعي يقول: نحن لم نر أحداً من نساء المؤمنين كشف وجهه. هذا على أيامه، وقد توفي سنة 204 هجرياً؛ فإذن أنا عندما أقرأ في الكتب لا بد عليّ حتى أحقق مقصد الدين أن أنظر إلى حياتي التي أنا فيها الآن. إذا كان النقاب مثل الصلاة والصيام كنا سنقف جميعاً ونقول: المرأة لا ترفع النقاب. مثل الذي نفعله الآن في قضية الحجاب، قام كثير من المفكرين والصحفيين وأساتذة الجامعة، وقالوا: لا داعي لهذا الحجاب الذي يجلب إلينا المشاكل؛ فإذا بنا جميعاً نقف ونقول: أبداً، الحجاب فرض بالكتاب والسنة.. كل المفتين ومشايخ الأزهر والعلماء قالوا ذلك؛ لأننا لن نغير الدين.. الخمر موجودة في شوارع القاهرة، ورأيناها في الأفلام المصرية وإلى الآن بعد 80 سنة، الخمر حرام، وستظل حراماً، وسنظل نقول إنها حرام والذي يشربها يعرف أنه يفعل حراماً، وأكل لحم الخنزير كذلك.
وهكذا أنا لا أستطيع إطلاقاً أن أمنع المعصية في الكون.. وإلا ما كان للدين ضرورة؛ فالطبيعي أن تُزيَّن الشهوات للناس، ويقع فيها الناس.. ثم أقول له: تب إلى الله، وارجع، واترك.. إلخ؛ فالقضية هنا أن النقاب ليس متفقاً عليه، وإن النقاب يختلف باختلاف الزمان والمكان، ونحن لا ندعو أهل بلد تعوّدوا على النقاب أن يرفعوه، كل بلد تتواءم مع نفسها، وإنني أنصح هذه الفتاة كأب، كعالم من علماء الدين، وأقول لها: يا بنيّتي منهجك في تعاملك مع ربك خطأ، ويجب عليك الآن أن تعلمي أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل هذا النقاب من قبيل القطعي، ولذلك فيجوز لك أن ترفعيه، وأن تطيعي زوجك، وإن طاعتك لزوجك، وبرّك بوالديك، وبرّك حتى بأخيك أهم بكثير من النقاب؛ لأنه مقطوع به
أثبتت الخبرة الاجتماعية المعيشية المعاصرة أن هذا ليس مقياساً لعلاقة الإنسان بالدين؛ بل إن هناك مَن هو مقصِّر في بعض الأمور في شريعته؛ ولكنه متمسك بالخلق القويم والصراط المستقيم؛ فهو لا يخون ولا يسرق ولا يكذب، ولكن كل هذا لا يعني أنه غير مقصر.
إذن لا ينبغي أن نحكم على علاقة إنسان ما بالدين من خلال الشكل فقط؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ".. إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم..".
أما بالنسبة إلى قضية ارتداء الحجاب؛ فإن الحجاب فريضة إسلامية متفق عليها في الكتاب والسنة، ولم يختلف في ذلك علماء المسلمين. ومضمون الدين وهدفه أن يكون الإنسان شفافاً وصادقاٍ وموفياً بوعده، وأن يسعى الإنسان ليعمر الأرض، وليزكي نفسه، وليعمل من أجل مصلحة الناس.. يقول الله تبارك وتعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة الحج: 77].
لي أخت وضعت غطاء الوجه (النقاب) في كفة، ومستقبلها لبناء أسرة وزوجة في كفة.. ورفضت أكثر من مائة رجل بسبب تمسكها بالنقاب وإلخ.
المتقدم لها ابن فيه كل المواصفات الشكلية والسلوكية والدينية والأخلاقية والمادية التي تشترطها؛ ولكن أهله يريدون منها التخلي عن النقاب.. وهي ترفض الزواج به لأجل هذا فما حكم الدين في ذلك؟.
علينا أن نتكلم في هذه القضية، وهي مثال لما يعانيه المسلم المعاصر بإزاء ما هو مكتوب في التراث.. وما يدعو إليه بعض الناس الآن، وما هو قائم في العصر الذي نحن فيه.
القضية التي ينبغي على كل المسلمين أن يفهموها أن الإسلام له هوية، وأن هذه الهوية متفق عليها بين المسلمين شرقاً وغرباً، سلفاً وخلفاً، لم يحدث فيها أي نزاع ولا أي جدال ولا أي خلاف، لا بين السنة والشيعة، ولا بين الإباضية والظاهرية، ولا بين السلف والخلف، ولا بين الشمال والجنوب.
هوية الإسلام تتمثل في أمور كثيرة وليست قليلة؛ ولكنها محصورة -بالرغم من أنها بنود كثيرة- مثلاً وجوب الصلاة وجوب الزكاة، وجوب صيام شهر رمضان، وجوب الحج لمن استطاع إليه سبيلاً.. قبل ذلك تتوج بالشهادتين.. أحقية القرآن.. القبلة.. الوضوء قبل الصلاة.. حرمة الخمر.. حرمة السرقة.. حرمة القتل.. وهكذا.
هذه هي هوية الإسلام التي لا يتنازل عنها المسلم، والتي إذا ما دعا أحد الناس إلى التنازل عنها تصدينا له، وقلنا له:
أنت ترتكب خطأً، أنت تريد إفساداً.. إلخ.
وهناك أمور اختلف فيها الفقهاء؛ هذه الأمور مثل لمس المرأة، هل ينقض الوضوء أم لا؟ أبو حنيفة قال: لا ينقض، والشافعي قال: ينقض.. وكل واحد منهما استدل بفهمه.. الاثنان صح؛ هذا صحيح وهذا صحيح.
ولذلك إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر.. كيف؟ لأنه قد بذل الوسع. وأراد الله للناس أن تختلف هذا الاختلاف، وأن تتنوع هذا التنوع.
هذه قضية مهمة جداً.. والتي من ضمنها قضية النقاب التي سنجيب عنها في سطر؛ ولكن لابد للمسلم أن يعلم أن هناك ما هو مختلف فيه، وأن المختلف فيه واسع، يجوز لنا أن نقلد من أجاز إذا ابتلينا بشيء من هذا.. قد يتغير من مكان إلى مكان فنجد مذهب الحنفية منتشراً في تركيا والهند، ومذهب الشافعية منتشراً في اليمن ومصر، ومذهب المالكية في المغرب العربي؛ فيقلد هؤلاء الناس هذا المذهب، ويعيشون فيه، ونرى في المملكة العربية السعودية أن المرأة منتقبة؛ فهذه عاداتهم، ولا تستطيع المرأة نفسياً أن تكشف وجهها، ولا نستطيع أن نرغمها على أن تكشف وجهها. وليست في كل مدن السعودية منتقبات.. ففي شرقها لا.
وعندما نأتي إلى مصر؛ فالأصل في النساء المحجبات أنهن كاشفات وجوههن، ويعتبر النقاب جالباً للمشاكل في بعض الأحيان كتمسك البنت به لأنها تضعه كأنه قطعي، كأنه من هوية الإسلام. نقول لها: لا، هذا ليس من هوية الإسلام.
الإمام مالك يقول: إن النقاب بدعة. والإمام الشافعي يقول: نحن لم نر أحداً من نساء المؤمنين كشف وجهه. هذا على أيامه، وقد توفي سنة 204 هجرياً؛ فإذن أنا عندما أقرأ في الكتب لا بد عليّ حتى أحقق مقصد الدين أن أنظر إلى حياتي التي أنا فيها الآن. إذا كان النقاب مثل الصلاة والصيام كنا سنقف جميعاً ونقول: المرأة لا ترفع النقاب. مثل الذي نفعله الآن في قضية الحجاب، قام كثير من المفكرين والصحفيين وأساتذة الجامعة، وقالوا: لا داعي لهذا الحجاب الذي يجلب إلينا المشاكل؛ فإذا بنا جميعاً نقف ونقول: أبداً، الحجاب فرض بالكتاب والسنة.. كل المفتين ومشايخ الأزهر والعلماء قالوا ذلك؛ لأننا لن نغير الدين.. الخمر موجودة في شوارع القاهرة، ورأيناها في الأفلام المصرية وإلى الآن بعد 80 سنة، الخمر حرام، وستظل حراماً، وسنظل نقول إنها حرام والذي يشربها يعرف أنه يفعل حراماً، وأكل لحم الخنزير كذلك.
وهكذا أنا لا أستطيع إطلاقاً أن أمنع المعصية في الكون.. وإلا ما كان للدين ضرورة؛ فالطبيعي أن تُزيَّن الشهوات للناس، ويقع فيها الناس.. ثم أقول له: تب إلى الله، وارجع، واترك.. إلخ؛ فالقضية هنا أن النقاب ليس متفقاً عليه، وإن النقاب يختلف باختلاف الزمان والمكان، ونحن لا ندعو أهل بلد تعوّدوا على النقاب أن يرفعوه، كل بلد تتواءم مع نفسها، وإنني أنصح هذه الفتاة كأب، كعالم من علماء الدين، وأقول لها: يا بنيّتي منهجك في تعاملك مع ربك خطأ، ويجب عليك الآن أن تعلمي أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل هذا النقاب من قبيل القطعي، ولذلك فيجوز لك أن ترفعيه، وأن تطيعي زوجك، وإن طاعتك لزوجك، وبرّك بوالديك، وبرّك حتى بأخيك أهم بكثير من النقاب؛ لأنه مقطوع به